كنت أعلم ما يريد الله عز وجل مني من قبل أن يعرفنيه لفعلته، وقيل لو كنت أعلم متى يكون لي النصر في الحرب لقاتلت فلم أغلب، وقيل لو كنت أعلم الغيب لأجبت عن كل ما أسأل عنه، وقيل لو كنت أعلم وقت الموت لاستكثرت من العمل الصالح، وقيل لو كنت أعلم وقت الخصب والجدب لاعتددت من الخصب للجدب وقيل غير ذلك والأولى حمل الآية على العموم فيندرج هذه الأمور وغيرها تحتها.
(وما مسنى السوء) كلام مستأنف أي ليس لي ما تزعمون من الجنون، والأولى أنه متصل بما قبله والمعنى لو علمت الغيب ما مسني السوء ولحذرت عنه كما قدمنا ذلك وقال ابن جريج: لا يصيبني الفقر، وقال ابن زيد: لاجتنبت ما يكون من الشر قبل أن يكون، وقال الكرخي: أي ما مسني سوء يمكن التفصي عنه بالتوقي عن موجباته والمدافعة بموانعه لا سوء ما فإن منه ما لا مدفع له.
(إن أنا إلا نذير وبشير) أي ما أنا إلا مبلغ عن الله أحكامه (لقوم يؤمنون) أي كتب في الأزل أنهم يؤمنون فإنهم المنتفعون به فلا ينافي كونه بشيراً ونذيراً للناس كافة، واللام في لقوم من باب التنازع، فعند البصريين تتعلق ببشير، وعند الكوفيين بنذير، وقيل نذير بالنار للكافرين وبشير بالجنة للمؤمنين.
وعلى هذا متعلق النذارة محذوف والذي أخبر به صلى الله عليه وآله وسلم عن المغيبات، وقد جاءت بها أحاديث في الصحيح فهو من قبيل المعجزات.
ومن قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ذلك على سبيل التواضع والأدب فقد أبعد النجعة بل قاله صلى الله عليه وآله وسلم معتقداً