في بقية البلاد كحالهم فيها أو قريباً من ذلك، ولهذا عبر عنهم بالناس في قوله.
(تخافون أن يتخطفكم الناس) والخطف الأخذ بسرعة والمراد بالناس مشركو قريش وكفار مكة، وقال عكرمة: كفار العرب وقيل فارس والروم، قاله وهب (فآواكم) يقال أوى إليه بالمد والقصر بمعنى الضم إليه، والمعنى ضمكم الله إلى المدينة أو إلى الأنصار.
(وأيدكم بنصره) أي وقواكم بالنصر في مواطن الحرب التي منها يوم بدر، أو قواكم بالملائكة يوم بدر (ورزقكم من الطيبات) التي من جملتها الغنائم أحلها لكم ولم يحلها لأحد قبلكم (لعلكم تشكرون) أي إرادة أن تشكروا هذه النعم التي أنعم الله بها عليكم.
وقال قتادة: كان هذا الحي من العرب أذل الناس ذلاً وأشقاه عيشاً وأجوعه بطناً وأعراه جلوداً وأبينه ضلالة، من عاش عاش شقياً، ومن مات منهم ردّي في النار يؤكلون ولا يأكلون، لا والله ما نعلم قبيلاً من حاضري الأرض يومئذ كان أشر منزلاً منهم حتى جاء الله بالإسلام فمكن به في البلاد، ووسع به في الرزق وجعلهم به ملوكاً على رقاب الناس، وبالإسلام أعطى الله ما رأيتم، فاشكروا لله نعمه فإن ربكم منعم يحب الشكر، وأهل الشكر في مزيد من الله عز وجل (١).
(١) روى البخاري ٥/ ٩٤ - ٢١٦ عن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " مثل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً، ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديههم نجوا ونجوا جميعاً ".