بك، ذكر الله رسوله هذه النعمة العظمى التي أنعم بها عليه وهي نجاته من مكر الكافرين وكيدهم له بمكة لأن هذه الواقعة كانت بمكة قبل أن يهاجر إلى المدينة، والسورة مدنية.
وقال عكرمة: هذه الآية مكية، والمكر الاحتيال في إيصال الضرر للغير.
(ليثبتوك) أي يثخنوك بالجراحات كما قال ثعلب وأبو حاتم وغيرهما، وقيل المعنى ليحبسوك يقال أثبته إذا حبسه، وقيل ليوثقوك لأن كل من شد شيئاً وأوثقه فقد أثبته لأنه لا يقدر على الحركة، وهذا أشار لرأي أبي البختري ومنه فشدوا الوثاق، وقرأ الشعبي: ليبيتوك من البيات.
(أو يقتلوك) أي كلهم قتلة رجل واحد كما أشار عليهم أبو جهل (أو يخرجوك) منفياً من مكة التي هي بلدك وبلد أهلك، وهذا أشار لرأي هشام ابن عمرو، كذا في شرح المواهب، عن ابن عباس قال: تشاورت قريش بمكة ليلة فقال بعضهم إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق يريدون النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم اقتلوه، وقال بعضهم: بل أخرجوه، فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك فبات عليّ على فراش النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى لحق بالغار، فلما أصبحوا ثاروا إليه فلما رأوه علياً رد الله مكرهم فقالوا: أين صاحبك هذا، فقال: لا أدري فاقتصوا أثره فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم فصعدوا في الجبل فمروا بالغار فرأوا على بابه نسج العنكبوت، فقالوا: لو دخل هنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه، فمكث فيه ثلاث ليال.
وروى البيهقي وغيره عنه بأطول مما هنا وفيها ذكر الشيخ النجدي أي إبليس ومشورته عليهم عند اجتماعهم في دار الندوة للمشاورة في أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن أبا جهل أشار بأن يأخذوا من كل قبيلة من قبائل قريش غلاماً ويعطوا كل واحد منهم سيفاً ثم يضربونه ضربة رجل واحد، فإذا قتلوه تفرق دمه في