وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - شيء واحد من المغنم يصطفيه لنفسه إما خادم وإما فرس، ثم يصيب بعد ذلك من الخمس، وعن علي وصححه الحاكم قال: ولاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس الخمس فوضعته مواضعه حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبى بكر وعمر رضي الله عنهما.
واختلفوا في سهمهم هل هو ثابت اليوم أم لا فذهب أكثرهم إلى أنه ثابت فيعطى فقراؤهم وأغنياؤهم من خمس الخمس للذكر مثل حظ الانثيين، وبه قال مالك والشافعي، وقيل إنه غير ثابت وسقط سهمه وسهمهم بوفاته، وصار الكل مصروفاً إلى الثلاثة الباقية وبه قال أبو حنيفة وأصحاب الرأي.
وحجة الجمهور أن الكتاب والسنة يدلان على ثبوت سهم ذوي القربى وكذا الخلفاء بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - كانوا يعطونهم ولا يفضلون فقيراً على غني، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى العباس مع كثرة غناه وكذا الخلفاء بعده، وألحقه الشافعي بالميراث الذي يستحق باسم القرابة غير أنهم يعطون القريب والبعيد.
(واليتامى والمساكين وابن السبيل) قد تقدم بيان سهمهم قريباً والمراد باليتيم هنا هو الصغير المسلم الذي لا أب له فيعطى مع الحاجة إليه، والمساكين هم أهل الفاقة من المسلمين، وابن السبيل هو المسافر البعيد عن ماله المنقطع في سفره، فهذا مصرف خمس الغنيمة، ويقسم أربعة أخماسها الباقية بين الغانمين الحاضرين في الواقعة الحائزين للغنيمة، فيعطى للفارس ثلاثة أسهم: سهم له وسهمان لفرسه، وللراجل سهم واحد لحديث ابن عمر في الصحيح، وبه قال أكثر أهل العلم وإليه ذهب الثوري والأوزاعي ومالك وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحق.
وقال أبو حنيفة: للفارس سهمان وللراجل سهم والحديث يرد عليه، وظاهر الآية يدل على أنه لا فرق بين العقار والمنقول، وعند أبي حنيفة يخير الإمام في العقار بين قسمه ووقفه على المصالح، ومن قتل من المسلمين مشركاً