شكرها وجعلها وسيلة إلى ما لا يرضاه الله، والرياء إظهار الجميل مع إبطان القبيح، وقيل معناهما الفخر بالنعمة ومقابلتها بالتكبر والخيلاء والفخر بها، والرياء مصدر راءى كقاتل قتالاً.
وظاهر النظم الكريم أن قوله بطراً متعلق بخرجوا وهو لا يوافق الواقع لأن خروجهم كان لغرض مهم، وهو المنع عن عيرهم ولهذا جعله السيوطي متعلقاً بمحذوف وقدر لخرجوا علة أخرى حيث قال خرجوا من ديارهم ليمنعوا عيرهم ولم يرجعوا بعد نجاتها بطراً، فجعله علة لهذا المقدر وهو قوله ولم يرجعوا والمعنى عليه واضح ولم يسلك هذا المسلك غيره ممن رأيناه من المفسرين.
وعن قتادة قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ: " اللهم إن قريشاً قد أقبلت بفخرها وخيلائها لتجادل رسولك "، وقال: جاءت من مكة أفلاذها وقد احتج بهذه الآية الشيخ عبد العزيز الدهلوي على أنه لا يجوز طوف البلد للعروس بركوب الخيل وغيرها كما اعتاده أهل الهند في عقود مناكحاتهم.
(ويصدون عن سبيل الله) عطف على بطراً إن جعل مصدراً في موضع الحال وكذا إن جعل مفعولاً له لكن على تأويل المصدر يعني صادين عن دين الله أو للصد عنه، والصد إضلال الناس والحيلولة بينهم وبين طرق الهداية، ويجوز أن يكون ويصدون معطوفاً على يخرجون والمعنى يجمعون بين الخروج على تلك الصفة والصد، ونكتة التعبير بالاسم أولاً ثم الفعل أن البطر والرثاء كانا دأبهم بخلاف الصد فإنه تجدد لهم في زمن النبوة قاله الشهاب (والله بما يعملون محيط) لا يخفى عليه من أعمالهم خافية، فهو مجازيهم عليها.