الصلح، قرئ بالكسر والفتح وهما قراءتان سبعيتان، وقرئ فاجنح بضم النون وبالفتح والأولى لغة قيس والثانية لغة تميم قال ابن جني: ولغة قيس هي القياس، والسلم يذكر ويؤنث كما يؤنث الحرب إذ هي مؤولة بالخصلة أو الفعلة.
وعن مجاهد قال: وإن جنحوا يعني قريظة وعن ابن عباس قال: السلم الطاعة.
وقد اختلف أهل العلم هل هذه الآية منسوخة أم محكمة، فقيل هي منسوخة بقوله:(فاقتلوا المشركي) قاله ابن عباس. وقيل ليست بمنسوخة لأن المراد بها قبول الجزية وقد قبلها منهم الصحابة فمن بعدهم فتكون خاصة بأهل الكتاب، قاله مجاهد وقيل إن المشركين إن دعوا إلى الصلح جاز أن يجابوا إليه.
وتمسك المانعون من مصالحة المشركين بقوله تعالى:(ولا تهنوا) وتدعوا إلى السلم (وأنتم الأعلون) والله معكم وقيدوا عدم الجواز بما إذا كان المسلمون في عزة وقوة لا إذا لم يكونوا كذلك، فإنه جائز كما وقع منه صلى الله عليه وآله وسلم من مهادنة قريش، وما زالت الخلفاء والصحابة على ذلك، وهذا كله مبني على أن المراد بالصلح هو عقد الجزية، أما لو أريد غيره من العقود التي تفيدهم الأمن وهي الهدنة والأمان فلا نسخ مطلقاً إذ يصح عقدهما لكل كافر، وكلام أهل العلم في هذه المسألة معروف مقرر في مواطنه.
(وتوكل على الله) في جنوحك للسلم ولا تخف من مكرهم وفوض أمرك إليه فيما عقدته معهم ليكون ذلك عوناً لك في جميع أحوالك (إنه) سبحانه (هو السميع) لما يقولون (العليم) بما يفعلون.