قلت: وإلا البراءة والتوبة وسورة العذاب، وهي مدنية، قال القرطبي: باتفاق وعن ابن عباس قال: نزلت بعد فتح مكة، وعنه قال نزلت بالمدينة، وعن ابن الزبير وقتادة نحوه، وعن البراء قال: آخر سورة نزلت تامة براءة، رواه البخاري.
وقد اختلف العلماء في سبب سقوط البسملة من أولها على أقوال منها ما روي عن المبرد وغيره أنه كان من شأن العرب إذا كان بينهم وبين قوم عهد فإذا أرادوا نقضه كتبوا إليهم كتاباً ولم يكتبوا فيه بسمله، فلما نزلت براءة ينقض العهد الذي كان بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمشركين بعث بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب فقرأها عليهم ولم يبسمل في ذلك على ما جرت به عادة العرب في نقض العهد من ترك التسمية.
وعن علي قال: البسملة أمان، وبراءة نزلت بالسيف، أشار إلى وجه ترك كتابة البسملة في هذه السورة والتلفظ بها دون غيرها، قال الخفاجي: وللسلف فيه أقوال ثلاثة أصحها هذا أهـ.
قلت: وروي نحوه عن سفيان بن عيينة، وروي عن مالك بن أنس وابن عجلان وابن جبير أنها كانت تعدل سورة البقرة أو قريباً منها وأنه لما سقط أولها سقطت البسملة.
ومن جملة الأقوال في سقوطها أنهم لما كتبوا المصحف في خلافة عثمان اختلفت الصحابة، فقال بعضهم براءة والأنفال سورة واحدة، وقال بعضهم هما سورتان فتركت بينهما فرجة لقول من قال هما سورتان وتركت البسملة لقول من قال هما سورة واحدة فرضي الفريقان معاً، قاله خارجة وأبو عصمة وغيرهما وقول من جعلهما سورة واحدة أظهر لأنهما جميعاً نزلتا في القتال ومجموعهما مائتان وخمس آيات ويعدان جميعاً سابعة السبع الطوال.
ومنها ما قال السيوطي: أنه لم تكتب فيها البسملة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر بذلك كما يؤخذ من حديث رواه الحاكم. اهـ.