للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي لا يغير ولا يبدل ولا يزول.

(فلا تظلموا فيهن) أي في هذه الأشهر الحرم (أنفسكم) بإيقاع المعاصي فإنها فيها أعظم وزراً، وبإيقاع القتال فيها والهتك لحرمتها، وبه قال أكثر المفسرين، وقيل أن الضمير يرجع إلى الشهور كلها الحرم وغيرها وإن الله نهى عن الظلم فيها والأول أولى.

وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن تحريم القتال في الأشهر الحرم ثابت محكم لم ينسخ لهذه الآية ولقوله: (يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام) ولقوله: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين) الآية.

وذهب جماعة آخرون إلى أن تحريم القتال في الأشهر الحرم منسوخ بآية السيف، ويجاب عنه بأن الأمر بقتل المشركين ومقاتلتهم مقيد بانسلاخ الأشهر الحرم كما في الآية الذكورة، فتكون سائر الآيات المتضمنة للأمر بالقتال مقيدة بما ورد في تحريم القتال في الأشهر الحرم كما هي مقيدة بتحريم القتال في الحرم للأدلة الواردة في تحريم القتال فيه.

وأما ما استدلوا به من أنه صلى الله عليه وسلم حاصر أهل الطائف في شهر حرام وهو ذو القعدة كما ثبت في الصحيحين وغيرهما فقد أجيب عنه بأنه لم يبتدئ محاصرتهم في ذي القعدة بل في شوال، والمحرم إنما هو ابتداء القتال في الأشهر الحرم لا إتمامه، وبهذا يحصل الجمع.

(وقاتلوا المشركين كافة) أي جميعاً في كل الشهور لأن عموم الأشخاص يستلزم عموم الأحوال والأزمنة والبقاع، وهو مصدر في موضع الحال من ضمير الفاعل في قاتلوا أو من المفعول وهو المشركين، قال الزجاج: مثل هذا من المصادر كعامة وخاصة لا يثنى ولا يجمع ولا تدخله أل ولا يتصرف فيه بغير الحال.

<<  <  ج: ص:  >  >>