للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(معنا) والمراد بالمعية المعية الدائمة التي لا تحوم حول صاحبها شائبة شيء من الحزن، وما هو المشهور من اختصاص " مع " بالمتبوع فالمراد بما فيه من المتبوعية هو المتبوعية في الأمر المباشر، قاله أبو السعود، وقال الخفاجي: أنها معية مخصوصة وإلا فهو مع كل أحد اهـ.

والمعنى من كان الله معه فلن يغلب ومن لا يغلب فيحق له أن لا يحزن وذلك أن أبا بكر خاف من الطلب (١) أن يعلموا بمكانهم، فجزع من ذلك وكان حزنه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا على نفسه وقال: إذا أنا مت فأنا رجل واحد وإذا مت أنت هلكت الأمة والدين.

أخرج الشيخان عنه رضي الله عنه قال: نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار وهم على رؤوسنا فقلت: يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه فقال: " يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما " (٢) وزاد البزار والطبراني والبيهقي في الدلائل عن أنس والمغيرة بن شعبة فأعماهم الله عن الغار فجعلوا يترددون حوله فلم يروه.

قال النووي: هو داخل في قوله سبحانه: (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) وفيه بيان عظيم توكل النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى في هذا المقام وفيه فضيلة لأبي بكر وهي من أجل مناقبه، وقال الشعبي: عاتب الله عز وجل أهل الأرض جميعاً في هذه الآية غير أبي بكر.

وقال الحسن بن الفضل: من قال أن أبا بكر لم يكن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كافر لإنكاره نص القرآن، وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر: أنت صاحبي على الحوض وصاحبي في الغار (٣)، أخرجه الترمذي، وقال حديث صحيح حسن غريب، وعبارة أبي


(١) وهم رجال اقتصوا أثر الرسول يطلبون رده إلى قريش.
(٢) مسلم ٢٣٨١ - البخاري ١٧١٦.
(٣) الترمذي كتاب المناقب باب ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>