ومعلوم أنه لم يخف عليه ذلك وإنما أراد بما قال إظهار كمال رحمته ورأفته بمن بعث إليهم، وفيه لطف بأمته وحث على المراحم وشفقة بعضهم على بعض، وهذا دأب الأنبياء كما قال إبراهيم (ومن عصاني فإنك غفور رحيم).
وذكر بعضهم لتخصيص السبعين وجهاً وليس بشيء فقال أن السبعة عدد شريف لأنها عدد السموات والأرضين والبحار والأقاليم والنجوم السيارة والأعضاء وأيام الأسبوع، فصير كل واحد من السبعة إلى عشرة لأن الحسنة بعشرة أمثالها.
وقيل خصت السبعون بالذكر لأنه صلى الله عليه وسلم كبر على عمه حمزة سبعين تكبيرة فكأنه قال أن تستغفر لهم سبعين مرة بإزاء تكبيراتك على حمزة وهذا كالذي قبله.
ثم علل عدم المغفرة لهم بقوله:(ذلك) الامتناع ليس لعدم الاعتداد باستغفارك بل (بأنهم كفروا بالله ورسوله) ولفظ الكرخي ذلك اليأس من الغفران لهم بسبب أنهم كفروا لا ببخل منا أو قصور فيك، بل لعدم قابليتهم بسبب الكفر الصارف عنه. اهـ.
(والله لا يهدي القوم الفاسقين) أي المتمردين الخارجين عن الطاعة المتجاوزين لحدودها، والمراد هنا الهداية الموصلة إلى المطلوب لا الهداية التي بمعنى الدلالة وإراءة الطريق.