وهذا شروع في بيان أحوال منافقي الأعراب إثر بيان أحوال منافقي أهل المدينة والأعراب سكان البادية وهم أخص من العرب إذ العربي من تكلم باللغة العربية سواء كان يسكن البادية أو الحاضرة، وقد اختلف في أنهم كانوا معتذرين بالتصنع أو بالصحة.
(ليؤذن لهم) أي لأجل أن يأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالتخلف عن الغزو (وقعد) طائفة أخرى لم يعتذروا بل قعدوا عن الغزو بغير عذر وهم منافقو الأعراب (الذين كذبوا الله ورسوله) بالتخفيف أي كذبوا في ادعاء إيمانهم وبالتشديد أي لم يؤمنوا ولا صدقوا ما جاء به الرسول عن ربه ولا امتثلوا أمره.
قال أبو إسحاق: ذكر لي أنهم نفر من بني غفار جاءوا فاعتذروا، منهم خفاف بن إيماء، وقيل هم رهط عامر بن الطفيل قالوا إن غزونا معك أغارت أعراب طي على أهالينا ومواشينا، وقيل منافقو الأعراب قسمان: قسم جاءوا واعتذروا بالأعذار الكاذبة وقسم لم يجىء ولم يعتذر.
ثم توعدهم سبحانه فقال:(سيصيب الذين كفروا منهم) أي من الأعراب وهم الذين اعتذروا بالأعذار الباطلة والذين لم يعتذروا بل كذبوا الله ورسوله. وأتى بمن التبعيضية، لأن منهم من أسلم فلم يصبه العذاب (عذاب أليم) أي كثير الألم فيصدق على عذاب الدنيا بالقتل والأسر، وعذاب الآخرة بالنار المؤبدة.