للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لما قبلها لما فيها من الدلالة على مهارتهم في النفاق ورسوخهم فيه على وجه يخفى على البشر، ولا يظهر لغير الله سبحانه لعلمه بما يخفى وما تجنه الضمائر وتنطوي عليه السرائر. ثم توعدهم سبحانه فقال: (سنعذبهم مرتين) قيل المراد بهما عذاب الدنيا بالقتل والسبي وعذاب الآخرة، وقيل الفضيحة بانكشاف نفاقهم والعذاب في الآخرة، وقيل المصائب في أموالهم وأولادهم وعذاب القبر. قال مجاهد مرتين يعني بالجوع والقتل.

وعن أبي مالك قال: بالجوع وعذاب القبر. وعن قتادة قال: عذاب في القبر وعذاب في النار، وقد روي عن جماعة من السلف نحو هذا في تعيين العذابين وقيل غير ذلك مما يطول ذكره مع عدم الدليل على أنه المراد بعينه، والظاهر أن هذا العذاب المكرر هو في الدنيا بما يصدق عليه اسم العذاب وأنهم يعذبون مرة بعد مرة ثم يردون بعد ذلك إلى عذاب الآخرة، وهو المراد بقوله: (ثم يردون إلى عذاب عظيم).

ومن قال أن العذاب في المرة الثانية هو عذاب الآخرة قال معنى قوله (ثم يردون) أنهم يردون بعد عذابهم في النار كسائر الكفار إلى الدرك الأسفل منها أو أنهم يعذبون في النار عذاباً خاصاً بهم دون سائر الكفار ثم يردون بعد ذلك إلى العذاب الشامل لهم ولسائر الكفار.

وفي مسند أحمد عن ابن مسعود: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " إن منكم منافقين فمن سميته فليقم "، ثم قال: " قم يا فلان حتى سمى ستة وثلاثين (١).


(١) الإمام أحمد ٥/ ٢٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>