ومن هنا قال الحكماء إن نور القمر مستفاد من ضوء الشمس، والشعاع الفائض من الشمس قيل جوهر، وقيل عرض، قال الصاوي: والحق أنه عرض لقيامه بالأجرام، وضياء مفعول ثان إن جعل الجعل بمعنى التصيير، وحال أن جعل بمعنى الخلق، قال السدي: لم يجعل الشمس كهيئة القمر لكي يعرف الليل من النهار وهو قوله (فمحونا آية الليل) الآية، قال ابن عباس: وجوههما إلى السموات وأقفيتهما إلى الأرض، وعن ابن عمرو مثله.
(وقدره) أى قدر مسير القمر في (منازل) أو قدره ذا منازل وبه يعرف انقضاء الشهور والسنين وذلك إن الشهور المعتبرة في الشرع مبنية على رؤية الأهلة والسنة المعتبرة في الشرع هي القمرية لا الشمسية، ومنازله هي المسافة التي يقطعها في يوم وليلة بحركته الخاصة به وجملتها ثمانية وعشرون وهي معروفة منقسمة على اثني عشر برجاً لكل برج منزلان وثلث منزل ينزل القمر في كل ليلة منزلاً منها إلى انقضاء ثمانية وعشرين لا يتخطاه، فيبدو صغيراً في أول منازله ثم يكبر قليلاً قليلاً حتي يبدو كاملاً، وإذا كان في آخر منازله رق واستقوس ثم يستتر ليلتين لا يبصر ولا يرى إذا كان الشهر كاملاً أو ليلة إذا كان الشهر ناقصاً.
والكلام في هذا يطول وقد جمع الشوكاني فيه رسالة مستقلة جواباً عن سؤال أورده عليه بعض الأعلام، وقيل إن الضمير راجع إلى كل واحد من الشمس والقمر كما قيل في قوله تعالى (وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها) وقوله (والله ورسوله أحق أن يرضوه) وقد قدمنا تحقيق هذا فيما سبق من هذا التفسير والأولى رجوع الضمير إلى القمر وحده كما في قوله تعالى (والقمر قدرناه منازل).
ثم ذكر بعض المنافع المتعلقة بهذا التقدير فقال (لتعلموا) بذلك التقدير