الاستقامة على سلوك السبيل المؤدي إلى الثواب وأن من لا يكون مهتدياً إلى الجنة لا يدخل الجنة مطلقاً ومنعه مكابرة فتدبر. اهـ
وعبارة أبي السعود: وفي النظم الكريم إشعار بأن مجرد الإيمان والعمل الصالح لا يكفي في الوصول إلى الجنة، بل لا بد بعد ذلك من الهداية الربانية وأن الكفر والمعاصي كافية في دخول النار، ثم أنه لا نزاع في أن المراد بالإيمان الذي جعل سبباً لتلك الهداية هو إيمانهم الخاص المشفوع بالأعمال الصالحة لا الإيمان المجرد عنها ولا ما هو أعم منهما، إلا أن ذلك بمعزل عن الدلالة، على خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة من أن الإيمان الخالي عن العمل الصالح يفضي إلى الجنة في الجملة ولا يخلد صاحبه في النار، فإن منطوق الآية الكريمة أن الإيمان المقرون بالعمل الصالح سبب للهداية إلى الجنة، وأما أن كل ما هو سبب لها يجب أن يكون كذلك فلا دلالة لها ولا لغيرها عليه قطعاً، كيف لا وقوله عز وجل (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) مناد بخلافه فإن المراد بالظلم هو الشرك كما أطبق عليه المفسرون، والمعنى لم يخلطوا إيمانهم بشرك.
ولئن حمل على ظاهره أيضاً يدخل في الاهتداء من آمن ولم يعمل صالحاً ثم مات قبل أن يظلم بفعل حرام أو بترك واجب. اهـ
وقال النسفي في المدارك: وهذا دليل على أن الإيمان المجرد منج حيث قال: بإيمانهم ولم يضم إليه العمل الصالح.
ولفظ الخازن والمهايمي بإيمانهم وبأعمالهم، وقال الصاوي: أي وبسبب أعمالهم أيضاً، فالإيمان والأعمال الصالحة سببان موصلان لدار السعادة، أو المراد بالإيمان الكامل ليشمل الأعمال، والمسألة من المعارك ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات.
(تجري من تحتهم الأنهار) مستأنفة أو خبر ثان لأن أو في محل النصب على الحال والمعنى من تحت بساتينهم أو من بين أيديهم لأنهم على سرر مرفوعة (في جنات النعيم) خبر آخر أو حال أخرى منه أو من الأنهار أو متعلق بتجري.