يقول لو أجابهم الله إذا دعوه بالشر الذي يستعجلون به استعجالهم بالخير لفرغ من إهلاكهم، ولكن الله عز وجل بفضله وكرمه يستجيب للداعي في الخير ولا يستجب له في الشر، وقال مجاهد: في الآية هو قول الإنسان لولده وأهله عند الغضب لعنكم الله لا بارك الله فيكم، وقال سعيد بن جبير: هو قول الرجل للرجل اللهم العنه اللهم اخزه وهو يحب أن يستجاب له، وقال قتادة: هو دعاء الرجل على نفسه وأهله وماله بما يكره أن يستجاب له فيه.
وقيل الآية خاصة بالكفار الذين أنكروا البعث وما يترتب عليه، وقيل نزلت في النضر بن الحرث حين قال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء الأية.
وقرئ لقضي على البناء للفاعل وهي قراءة حسنة لمناسبة ذلك لقوله (ولو يعجل الله) وصورة القياس هكذا لو يعجل الله الشر للناس لأهلكهم لكنه لم يهلكهم بل أمهلهم فلم يعجل لهم الشر، ويدل على هذا القول قوله (فنذر الذين لا يرجون لقاءنا) أي لا يتوقعونه فالفاء للعطف على مقدر، يدل عليه الكلام فكأنه قيل لكن لا يعجل لهم الشر، ولا يقضي إليهم أجلهم فيذرهم أي فيتركهم ويمهلهم (في طغيانهم) أي الذي هو عدم رجاء اللقاء وإنكار البعث والجزاء وما يتفرع على أعمالهم السيئة ومقالاتهم الشنيعة، والطغيان التطاول وهو العلو والارتفاع (يعمهون) يعني يتركهم يتحيرون في تطاولهم وتكبرهم وعدم قبولهم للحق استدراجاً لهم منه سبحانه وخذلاناً.
ثم بين سبحانه أنهم كاذبون في استعجال الشر ولو أصابهم ما طلبوه لأظهروا العجز والجزع فقال