الإنسان ولا يخلو عنها عادة وما عداها نادر كالركوع والسجود.
ويجوز أن يراد أنه يدعو الله حال كونه مضطجعاً غير قادر على القعود، وقاعداً غير قادر على القيام وقائماً غير قادر على المشي والأول أولى، قال الزجاج: أن تعديد أحوال الدعاء أبلغ من تعديد أحوال المضرة لأنه إذا كان داعياً على الدوام ثم نسي في وقت الرخاء كان أعجب.
وعن أبي الدرداء قال: ادع الله يوم سرائك يستجاب لك يوم ضرائك.
وأقول أنا أكثر من شكر الله على السراء ليدفع عني الضراء فإن وعده للشاكرين بزيادة النعم مؤذن بدفعه عنهم النقم لذهاب حلاوة النعمة عند وجود مرارة النقمة، اللهم اجمع لنا بين جلب النعم وسلب النقم فإنا نشكرك عدد ما شكرك الشاكرون ونحمدك عدد ما حمدك الحامدون بكل لسان في كل زمان ومكان.
(فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه) أي مضى على طريقته التي كان عليها قبل أن يمسه الضر. ونسي حالة الجهد والبلاء والضيق والفقر، وأهمل جانب الله أو مضى عن موقف الدعاء والتضرع لا يرجع إليه كأنه لا عهد له به كأنه لم يدعنا عند أن مسه الضر إلى كشف ذلك الضر الذي مسه.
وقيل معنى مر، استمر على كفره مشبهاً بمن لم يدعنا ولم يشكر ولم يتعظ، وهذه الحالة التي ذكرها الله سبحانه للداعي لا تختص بأهل الكفر بل تتفق لكثير من المسلمين تلين ألسنتهم بالدعاء وقلوبهم بالخشوع والتذلل عند نزول ما يكرهون بهم، فاذا كشفه الله عنهم غفلوا عن التضرع والدعاء وذهلوا عما يجب عليهم من شكر النعمة التي أنعم الله بها عليهم من إجابة دعائهم ورفع ما نزل بهم من الضر ودفع ما أصابهم من المكروه.