منها. فإن أولئك يعترفون بأن الله سبحانه هو الخالق الرازق المحيي المميت الضار النافع، وإنما يجعلون أصنامهم شفعاء لهم عند الله ومقربين إليه، وهؤلاء يجعلون لهم قدرة على الضر والنفع وينادونهم تارة على الاستقلال وتارة مع ذي الجلال وكفاك من شر سماعه، والله ناصر دينه ومظهر شريعته من أوضار الشرك وأدناس الكفر.
ولقد توسل الشيطان أخزاه الله بهذه الذريعة إلى ما تقر به عينه وينثلج به صدره من كفر كثير من هذه الأمة المباركة وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، إنا لله وإنا إليه راجعون.
ثم بين سبحانه أن لكل طائفة حداً محدوداً لا يتجاوزونه فلا وجه لاستعجال العذاب فقال (لكل أمة) ممن قضى بينهم وبين رسولهم أو بين بعضهم لبعض (أجل) أي وقت خاص ومدة مضروبة يحل بهم ما يريده الله سبحانه لهم عند حلوله والأجل يطلق على مدة العمر، وعلى آخر جزء منه، والمراد هنا الثاني كما يؤخذ من التفاسير.
(فإذا جاء أجلهم) أي أجل كل أمة، قال أبو السعود: أن جعل الأجل عبارة عن حد معين من الزمان فمعنى مجيئه ظاهر، وأن أريد به ما امتد من الزمان فمجيئه عبارة عن انقضائه إذ هناك يتحقق مجيئه بتمامه (فلا يستأخرون) عن ذلك الأجل المعين (ساعة) أي شيئاً قليلاً من الزمان (ولا يستقدمون) منه، ومثله قوله تعالى (ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون) والسين زائدة فيهما، والكلام على هذه الآية المذكورة هنا قد تقدم في تفسير الآية التي في أول الأعراف فلا نعيده.