وسيبويه: أنها لام العاقبة والصيرورة، والمعنى أنه لما كان عاقبة أمرهم الضلال صار كأنه سبحانه أعطاهم ما أعطاهم من النعم ليضلوا، وقيل أنها لام كي؛ قاله الفراء: أي أعطيتهم لكي يضلوا، وقال قوم أن المعنى أعطيتهم ذلك لئلا يضلوا فحذفت لا، كما قال سبحانه (يبين الله لكم أن تضلوا).
قال النحاس: ظاهر هذا الجواب حسن إلا أن العرب لا تحذف لا إلا مع أن فموَّه صاحب هذا التأويل بالاستدلال بقوله تعالى المتقدم، وقيل اللام للدعاء عليهم، والمعنى إِبتلهِمْ بالهلاك عن سبيلك، قاله ابن الأنباري واستدل بقوله سبحانه بعد هذا (اطمس) و (اشدد) وإليه ذهب الحسن البصري، وقيل أنها لام العلة والمعنى إنك آتيتهم ما آتيتهم على سبيل الاستدراج فكان الإيتاء لهذه العلة.
وقد أطال صاحب الكشاف في تقرير هذا بما لا طائل تحته، والقول الأول هو الأولى، وقرئ ليضلوا بضم الياء أي يوقعوا الإضلال على غيرهم، وقرأ الباقون بالفتح أي يضلون في أنفسهم.
(ربنا اطمس على أموالهم) أي امسخها وأزل صورها، قال الزجاج: طمس الشيء إذهابه عن صورته وإزالة أثر الشيء بالمحو. قال مجاهد: أهلكها، وقال أكثر المفسرين أمسخها وغيرها عن هيئاتها، والمعنى الدعاء عليهم بأن يمحق الله أموالهم ويهلكها.
وقرئ بضم الميم من (اطمُس) وقد روي عن قتادة أن أموالهم وحروثهم وزروعهم وجواهرهم ودراهمهم ودنانيرهم تحولت حجارة منقوشة كهيئتها صحاحاً وأنصافاً وأثلاثاً. قيل أن عمر بن عبد العزيز دعا بخريطة فيها شيء من بقايا آل فرعون فأخرج منها البيضة منقوشة والجوزة مشقوقة وهي حجارة.