قال الزجاج: إن الله خاطب الرسول وهو شامل للخلق، وهذا وجه حسن أيضاً لكن فيه بعد لأن الرسول متى كان داخلاً في هذا الخطاب كان الإيراد موجوداً، والاعتراض وارداً.
ْوقيل أن في قوله (فإن) للنفى أي ما أنت في شك حتى تسأل وهذا أبعد.
وقال القتيبي: المراد بهذه الآية من كان من الكفار غير قاطع بتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم ولا بتصديقه بل كان في شك، وقيل المراد بالخطاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا غيره والمعنى لو كنت ممن يلحقه الشك فيما أخبرناك به فسألت أهل الكتاب لأزالوا عنك الشك، وقيل الشك هو ضيق الصدر أي إن ضاق صدرك بكفر هؤلاء فاصبر واسأل يخبرونك بصبر من قبلك من الأنبياء على أذى قومهم.
وقيل معنى الآية الفرض والتقدير كأنه قال له فإن وقع لك شك مثلاً وخيل لك الشيطان خيالاً منه تقديراً، فاسأل فإنهم سخبرونك عن نبوءتك وما نزل عليك، ويعترفون بذلك لأنهم يجدونه مكتوباً عندهم، وقد زال فيمن أسلم منهم ما كان مقتضياً للكتم عندهم.
(لقد) أي اقسم لقد (جاءك الحق من ربك) وفي هذا بيان ما يقلع الشك من أصله ويذهب به بجملته، وهو شهادة الله سبحانه بأن هذا الذي وقع الشك فيه على اختلاف التفاسير في الشاك هو الحق الذي لا يخالطه باطل ولا تشوبه شبهة.
ثم عقبه بالنهي للنبي صلى الله عليه وسلم عن الامتراء فقال (فلا تكونن من الممترين) فيما أنزل الله عليه بل تستمر على ما أنت عليه من اليقين وانتفاء الشك، ويمكن أن يكون هذا النهي له تعريضاً لغيره كما في مواطن من الكتاب العزيز، وهكذا القول في نهيه صلى الله عليه وسلم عن التكذيب في قوله تعالى