وقيل استغفروا من الشرك ثم ارجعوا إليه بالطاعة؛ قال الفراء: ثم هاهنا بمعنى الواو أي وتوبوا إليه لأن الاستغفار هو التوبة والتوبة هي الاستغفار فذكرهما للتأكيد، وقيل إنما قدم ذكر الاستغفار لأن المغفرة هي الغرض المطلوب والتوبة هي السبب إليها، وما كان آخراً في الحصول كان أولاً في الطلب، وقيل استغفروا في الصغائر وتوبوا إليه في الكبائر.
ثم رتب على ما تقدم أمرين: الأول (يمتعكم متاعاً حسناً) أصل الامتاع الإطالة ومنه امتع الله بك، فمعنى الآية يطول نفعكم في الدنيا بمنافع حسنة مرضية موسعة للرزق ورغد العيش، وقيل هو الرضاء بالميسور والصبر على المقدور (إلى أجل مسمى) إلى وقت مقدر عند الله وهو الموت، وقيل القيامة، وقيل دخول الجنة والأول أولى.
والأمر الثاني قوله (ويؤت كل ذي فضل) في الطاعة والعمل (فضله) أي جزاء فضله إما في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جميعاً، والضمير راجع إلى كل ذي فضل، وقيل راجع إلى الله سبحانه على معنى إن الله يعطي كل من فضلت حسناته الذي يتفضل به على عباده.
عن ابن مسعود قال: من عمل سيئة كتبت عليه سيئة، ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات، فإن عوقب بالسيئة التي عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر واحدة وبقيت له تسع حسنات ثم يقول هلك من غلب آحاده إعشاره، وقال أبو العالية من كثرت طاعاته في الدنيا زادت حسناته ودرجاته في الجنة.
ثم توعدهم على مخالفة الأمر فقال (وإن تولوا) أي تعرضوا عن الإخلاص في العبادة والاستغفار والتوبة (فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير) هو يوم القيامة، ووصفه بالكبر لما فيه من الأهوال، وقيل اليوم الكبير يوم بدر، وقيل صفة لعذاب فهو منصوب وإنما خفض على الجوار.