بمشيئة الله سبحانه، عن ابن عباس قال: يعني من عمل صالحاً التماس الدنيا صوماً أو صلاة أو تهجداً بالليل لا يعمله إلا لذلك.
قال القرطبي: ذهب أكثر العلماء إلى أن هذه الآية مطلقة وكذلك الآية التي في الشورى (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها)(ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها) كذلك (ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها) وقيدتها وفسرتها التي في سبحان (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد).
(وهم فيها لا يبخسون) أي وهؤلاء المريدون بأعمالهم الدنيا هم في الدنيا لا ينقصون من جزائهم فيها بحسب أعمالهم لها وذلك في الغالب، وليس بمطرد بل إن قضت به مشيئته سبحانه ورجحته حكمته البالغة.
وقال القاضي: معنى الآية من كان يريد بعمل الخير الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم وافية كاملة من غير بخس في الدنيا وهو ما ينالون من الصحة والكفاف وسائر اللذات والطيبات والمنافع، فخص الجزاء بمثل ما ذكره وهو حاصل لكل عامل للدنيا ولو كان قليلاً يسيراً. أهـ.
وإنما عبر عن عدم نقص أعمالهم بنفي البخس الذي هو نقص الحق مع أنه ليس لهم شائبة حق فيما أوتوه كما عبر عن إعطائه بالتوفية التي هي إعطاء الحقوق مع أن أعمالهم بمعزل عن كونها مستوجبة لذلك، بناء للأمر على ظاهر الحال ومحافظة على صور الأعمال ومبالغة في نفي النقص، كأن ذلك نقص لحقوقهم فلا يدخل تحت الوقوع والصدور عن الكريم أصلاً.