فهو كقولهم أدخلت القلنسوة رأسي، وقيل أن عمى الدليل بمعنى خفائه مجازاً فيقال حجة عمياء كما يقال مبصرة للواضحة وهو استعارة تبعية، شبه خفاء الدليل بالعمى في إن كُلاًّ يمنع الوصول إلى المقاصد وقرئ فعميت بضم العين وتشديد الميم على البناء للمفعول أي فعماها الله.
(عليكم) فلم تهدكم كما لو عمي على القوم دليلهم في المفازة بقوا بغيرها وفي قراءة أُبيّ فعماها عليكم.
والاستفهام في (أنلزمكموها) للإنكار أي لا يمكنني أن أضطركم إلى المعرفة بها أي بالرحمة والمراد إلزام الجبر بالقتل ونحوه لا إلزام الإيجاب إذ هو حاصل ولذا فسره السيوطي بقوله أنجبركم على قبولها (وأنتم) أي والحال أنكم (لها كارهون) أي منكرون ونافون لها، والمعنى أخبروني إن كنت على حجة ظاهرة الدلالة على صحة النبوة إلا أنها خافية عليكم أيمكننا أن نضطركم إلى العلم بها والحال أنكم لها كارهون غير متدبرين فيها فإن ذلك لا يقدر عليه إلا الله عز وجل.
وعن قتادة قال: أما والله لو استطاع نبي الله لألزمها قومه، ولكنه لم يستطع ذلك ولم يمكنه.