بدعاء السوء، ووصفهم بالظلم للإشعار بأنه علة الهلاك وللإيماء إلى قوله (ولا تخاطبني في الذين ظلموا).
قال عبد الرحمن بن خلدون: اتفقوا على أن الطوفان الذي كان في زمن نوح وبدعوته ذهب بعمران الأرض أجمع وبما كان من خراب المعمور وهلك الذين ركبوا معه في السفينة ولم يعقبوا فصار أهل الأرض كلهم من نسله وعاد أباً ثانيا للخليقة انتهى.
وقال ابن الأثير في الكامل: وأما المجوس فلا يعرفون الطوفان وكان بعضهم يقر به ويزعم أنه كان في إقليم بابل وما قرب منه، وأن مساكن ولد خومرت كانت بالمشرق فلم يصل ذلك إليهم، وكذلك جميع الأمم المشرقية من الهند والفرس والصين لا يعترفون بالطوفان، وبعض الفرس يعترف به ويقول لم يكن عاماً ولم يتعد عقبة حلون.
والصحيح أن جميع أهل الأرض من ولد نوح عليه السلام لقوله تعالى (وجعلنا ذريته هم الباقين) فجميع الناس من ولد سام وحام ويافث أولاد نوح انتهى.
وقال المقريزي في الخطط: أن جميع أهل الشرائع أتباع الأنبياء من المسلمين واليهود والنصارى قد أجمعوا على أن نوحاً هو الأب الثاني للبشر، وأن العقب من آدم عليه السلام انحصر فيه ومنه ذرأ الله جميع أولاد آدم، فليس أحد من بني آدم إلا وهو من أولاد نوح، وخالفت القبط والمجوس وأهل الهند والصين ذلك فأنكروا الطوفان.
وزعم بعضهم أن الطوفان إنما حدث في إقليم بابل وما وراءه من البلاد الغربية فقط وأن أولاد كيومرت الذي هو عندهم الإنسان الأول كانوا بالبلاد الشرقية من بابل فلم يصل الطوفان إليهم ولا إلى الهند والصين.