من أهل الكفر من غير فرق بين مسجد ومسجد، وبين كافر وكافر كما يفيده عموم اللفظ، ولا ينافيه حصول السبب الخاص وأن يجعلوهم بحالة إذا أرادوا الدخول كانوا على وجل وخوف من أن يفطن لهم أحد من المسلمين فينزلون بهم ما يوجب الإهانة والإذلال، وليس فيه الإذن لنا بتمكينهم من ذلك حال خوفهم، بل هو كناية عن المنع لهم منا من دخول مساجدنا، وقيل معناه ما كان الحق أن يدخلوها إلا خائفين من المؤمنين أن يبطشوا بهم، فضلاً أن يمنعوهم منها، أو ما كان لهم في علم الله وقضائه، فيكون وعداً للمؤمنين بالنصر واستخلاص المساجد منهم وقد أنجز وعده.
(لهم في الدنيا خزي) يعني الصغار والذل والقتل والسبي وقيل هو ضرب الجزية عليهم وإذلالهم وقيل غير ذلك وقد تقدم تفسيره (ولهم في الآخرة عذاب عظيم) يعني النار.
قال ابن عباس: أن قريشاً منعوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة عند الكعبة في المسجد الحرام يعني في ابتداء الإسلام فأنزل الله (ومن أظلم) الآية نزلت في خراب بيت المقدس على يد فلطيوس الرومي ولم يزل خراباً حتى بناه المسلمون في عهد عمر رضي الله تعالى عنه، وقال السدي: هم الروم كانوا ظاهروا بختنصر على خراب بيت المقدس، وليس في الأرض رومي يدخله اليوم إلا وهو خائف أن يضرب عنقه، وقد أخيف بأداء الجزية فهو يؤديها، وأما بخزيهم في الدنيا فإنه إذا قام المهدي وفتحت القسطنطينية قتلهم فذلك الخزي، وعن قتادة أنهم الروم، وعن كعب أنهم النصارى لما ظهروا على بيت المقدس حرقوه، وفيه أنه لا خلاف بين أهل العلم بالسير أن عهد بختنصر كان قبل مولد المسيح بدهر طويل، والنصارى كانوا بعد المسيح فكيف يكونون مع بختنصر في تخريب بيت المقدس.
وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: هم المشركون حين صدوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن البيت يوم الحديبية، قال أبو صالح: