وقيل أن الباء بمعنى في؛ وقد تقدم الكلام على القطع في يونس بأشبع من هذا وقيل أن السرى لا يكون إلا في الليل فما وجه زيادة بقطع من الليل؟ قيل لو لم يقله لجاز أن يكون في أوله قبل اجتماع الظلمة وليس ذلك بمراد.
(ولا يلتفت منكم أحد) أي بقلبه إلى ما خلف أو لا ينظر إلى ما وراءه أو لا يشتغل بما خلفه من مال أو غيره، قيل وجه النهي عن الالتفات أن لا يروا عذاب قومهم وهول ما نزل بهم فيرحموهم ويرقوا لهم، أو لئلا ينقطعوا عن السير المطلوب منهم بما يقع من الالتفات فإنه لا بد للملتفت من فترة في سيره، وقع فيه ضمير منكم للأهل فهو التفات فقوله لا يلتفت من تسمية النوع.
وهذا من بديع النكات وهو عند المتأخرين من أهل البديع أن يؤتى بشيء من البديع ويذكر اسمه على سبيل التورية، وتبجحوا باختراعه وأنه قد وقع في القرآن في هذه الآية.
قال الخفاجي: ثم أني وجدت منه قوله تعالى (من وجد في رحله فهو جزاؤه) في سورة يوسف فإن (فهو جزاؤه) جزاء من الشرطية وقد ذكر أنه جزاء ومنه قوله تعالى (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها) إلى قوله: (كذلك يضرب الله الأمثال) اهـ.
(إلا امرأتك) بالنصب سبعية والاستثناء من قوله فأسر بأهلك أي أسر بأهلك جميعاً إلا امرأتك فلا تسر بها لكونها كافرة، وأنكر قراءة الرفع جماعة منهم أبو عبيدة، قال النحاس: الرفع على البدل له معنى صحيح أي لا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك فإنها تلتفت وتهلك، وقيل أن الرفع على البدل من أحد ويكون الالتفات بمعنى التخلف لا بمعنى النظر إلى الخلف، فكأنه قال ولا