وهذا فعله أي هل هي تأمرك بتكليفك إيانا ترك عبادة الأصنام، وهذا منهم جواب لشعيب عن أمره لهم بعبادة الله وحده.
وقولهم (أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء) جواب له عن أمرهم بإيفاء الكيل والوزن ونهيهم عن نقصهما وعن بخس الناس، وعن العثي في الأرض معطوف على ما يعبد، فالترك مسلط عليه، وأو بمعنى الواو، والمعنى هل تأمرك بتكليفك لنا ترك إن نفعل في أموالنا ما نشاء من الأخذ والإعطاء والزيادة والنقص، وهذا لف ونشر مرتب.
وقرئ بالتاء في الفعلين عطفاً على مفعول تأمرك أي أصلاتك تأمرك أن تفعل أنت في أموالنا ما تشاء، وقرئ نفعل بالنون وما تشاء بالفوقية أي نفعل فيها ما تشاء أنت وندع ما نشاء نحن وما يجري به التراضي بيننا.
وعن ابن زيد في الآية قال: نهاهم عن قطع هذه الدنانير والدراهم فقالوا إنما هي أموالنا نفعل فيها ما نشاء إن شئنا قطعناها وإن شئنا أحرقناها وإن شئنا طرحناها، وعن محمد بن كعب وزيد بن أسلم وابن المسيب نحوه.
ثم وصفوه بوصفين عظيمين فقالوا (إنك لأنت الحليم الرشيد) عند نفسك وفي اعتقادك ومعناه أن هذا الذي نهيتنا عنه وأمرتنا به يخالف ما نعتقده في نفسك من الحلم والرشد، وقيل أنهم قالوا ذلك لا على طريق الاستهزاء بل هو عندهم كذلك، وأنكروا عليه الأمر والنهي منه لهم بما يخالف الحلم والرشد في اعتقادهم والمعنى إنك فينا حليم رشيد فلا يحمد بك شق عصا قومك ومخالفتهم في دينهم.
وقال ابن عباس: يقولون إنك لست بحليم ولا رشيد أي أرادوا السفيه الغاوي لأن العرب قد تصف الشيء بضده فيقولون للديغ سليم وللفلاة المهلكة مفازة؛ وقيل هو على حقيقته وإنما قالوا ذلك على سبيل السخرية قال قتادة: استهزاء به.