طالب رضي الله عنه ما يشغله عن تسيير هذا الحديث. ا. هـ.
قال الشوكاني: وأقول أما الطعن على من قال بخروج أهل الكبائر من النار فالقائل بذلك يا مسكين رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) كما صح عنه في دواوين الإسلام التي هي دفاتر السنة المطهرة وكما صح عنه في غيرها من طريق جماعة من الصحابة يبلغون عدد التواتر، فما لك والطعن على قوم عرفوا ما جهلته وعملوا بما أنت عنه في مسافة بعيدة، وأي مانع من حمل الاستثناء على هذا الذي جاءت به الأدلة الصحيحة الكثيرة كما ذهب إلى ذلك وقال به جمهور العلماء من السلف والخلف.
وأما ما ظننته من أن الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم ويسجل بافترائهم فلا مناداة ولا مخالفة، وأي مانع من حمل الاستثناء في الموضعين على العصاة من هذه الأمة فالاستثناء الأول يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من خروج العصاة من هذه الأمة من النار والاستثناء الثاني يحمل على معنى إلا ما شاء ربك من عدم خلودهم في الجنة كما يخلد غيرهم، وذلك لتأخر دخولهم إليها مقدار المدة التي لبثوا فيها في النار وقد قال بهذا من أهل العلم من قدمنا ذكره، وبه قال ابن عباس حبر الأمة.
وأما الطعن على صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحافظ سنته وعابد الصحابة عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنه فإلى أين يا محمود أتدري. ما صنعت، وفي أي واد وقعت، وعلى أي جنب سقطت، ومن أنت حتى تصعد إلى هذا المكان وتتناول نجوم السماء بيدك القصيرة ورجلك العرجاء، أما كان لك في مِكسَرَي طِلبَتك من أهل النحو واللغة ما يردك عن الدخول فيما لا تعرف والتكلم بما لا تدري، فيالله العجب ما يفعل القصور في علم الرواية والبعد عن معرفتها إلى أبعد مكان من الفضيحة لمن لم يعرف قدر نفسه ولا أوقفها حيث أوقفها الله سبحانه.