وهذا النهي له صلى الله عليه وسلم هو تعريض لغيره ممن يداخله شيء من الشك فإنه صلى الله عليه وسلم لا يشك في ذلك أبداً.
ثم بين له سبحانه بقوله (ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم) أن معبودات هؤلاء كمعبودات آبائهم وأن عبادتهم كعبادة آبائهم (من قبل) وفي هذا الاستئناف تعليل للنهي عن الشك والمعنى أنهم سواء في الشرك بالله وعبادة غيره فلا يكن في صدرك حرج مما تراه من قومك فهم كمن قبلهم من طوائف البشر وفي الخازن يعني أنه ليس لهم في عبادة هذه الأصنام مستند إلا تقليد آبائهم انتهى. وجاء بالمضارع في كما يعبد لاستحضار الصورة.
ثم بين له أنه مجازيهم بأعمالهم فقال (وإنا لموفوهم نصيبهم) من العذاب (غير منقوص) لا ينقص ذلك شيء وانتصاب غير على الحالى والتوفية لا تستلزم عدم النقص فقد يجوز أن يوفى وهو ناقص كما يجوز أن يوفى وهو كامل، قال القاضي كالزمخشري: فإنك تقول وفيته حقه وتريد به وفاء بعضه ولو مجازاً انتهى.
وأنت خبير بأنه إذا لم تكن قرينة المجاز قائمة كما في هذا المقام لا تكون الحال إلا للتأكيد لأن التوفية تقتضي الإكمال فقد استفيد معناها من عاملها وهو شأن المؤكدة وفائدته دفع توهم التجوز، قال بعضهم: وجعلها مقيدة له لدفع احتمال كونه منقوصاً في حد نفسه مبني على الذهول عن كون العامل هو التوفية تأمل قاله الكرخي، وقيل المراد نصيبهم من الرزق وقيل ما هو أعم من الخير والشر.