وقوله حكاية عن نوح (ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك) وفي معناه آيات كثيرة في السور الأخرى.
ومنها في احتجاج المشركين على رسلهم بأنهم بشر في قصة نوح (فقال الملأ الذين كفروا من قومه: ما نراك إلا بشراً مثلنا) وقد قال مثل هذا سائر أقوام الرسل بعده إلى خاتمهم محمد صلوات الله عليهم أجمعين.
ولو كان أولئك الرسل في عصرهم على غير ما يعهد أقوامهم من البشر بأن كانوا يتصرفون في الكون بالضر والنفع وعلم الغيب لما احتجوا عليهم بأنهم بشر مثلهم كما يدير الذين ضلوا من أقوامهم من بعدهم عما جاءوا به مع دعوى اتباعهم فزعموا أنهم وبعض من وصفوا بالصلاح والولاية من أتباعهم يضرون وينفعون: أحياؤهم وأمواتهم في هذا سواء.
بل يزعمون أنهم أحياء في قبورهم حياة مادية بدنية، يأكلون فيها ويشربون ويسمعون كلام من يدعوهم ويستغيث بهم، ويستجيبون دعاءهم فيها: يخالفون بهذه الدعاوي مئات من آيات القرآن المحكمات في صفات الأنبياء، وكونهم بشراً لا يقدرون على شيء مما لا يقدر عليه البشر.
وقد يحتجون بما ورد فيه من بعض أنباء الغيب في حياة الشهداء البرزخية فيقيسون عليها بأهوائهم حياة أوليائهم رجماً بالغيب وافتراء على الله.