(واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) قرىء على أنه فعل ماض أي واتخذوه مصلى، وقرىء على صيغة الأمر، ويجوز أن يكون تقديره وقلنا اتخذوا والمقام في اللغة موضع القيام قال النحاس هو من قام يقوم يكون مصدراً واسماً للموضع، ومقام من أقام، ومن للتبعيض وهذا هو الظاهر، وقيل بمعنى في وقيل زائدة على قول الأخفش وليسا بشيء، اختلف في تعيين المقام على أقوال أصحها أنه الحجر الذي يعرفه الناس ويصلون عنده ركعتي الطواف، وقيل المقام الحرم كله روي ذلك عن عطاء ومجاهد وقيل عرفة والمزدلفة، وقال الشعبي: الحرم كله مقام، والمعنى اتخذوا مصلى كائناً عند مقام إبراهيم، والعندية تصدق بجهاته الأربع والتخصيص يكون المصلى خلفه إنما استفيد من فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم. والصحابة بعده.
أخرج البخاري وغيره من حديث أنس عن عمر بن الخطاب قال:" وافقت ربي في ثلاث ووافقني ربي في ثلاث قلت يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فنزلت هذه الآية وقلت: يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو أمرتهن أن يحتجبن فنزلت آية الحجاب واجتمع على رسول الله صلى الله - صلى الله عليه وسلم - وآله وسلم نساؤه في الغيرة فقلت لهن عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن فنزلت كذلك " وأخرجه مسلم وغيره مختصراً من حديث ابن عمر عنه (١).
وأخرج مسلم وغيره من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رمل ثلاثة أشواط ومشى أربعاً حتى إذا فرغ عمد إلى مقام إبراهيم فصلى خلفه ركعتين ثم قرأ (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) وفي مقام إبراهيم عليه السلام أحاديث كثيرة مستوفاة في الأمهات وغيرها، والأحاديث الصحيحة تدل على أن مقام إبراهيم هو الحجر الذي كان يقوم عليه لبناء الكعبة لما ارتفع