وفيه تلويح بأنه تأويل الأكل العجاف السمان واللام في لهن ترشيح لذلك فكأن ما ادخر في السنابل من الحبوب شيء قد هيء وقدم لهن كالذي يقدم للنازل وإلا فهو في الحقيقة مقدم للناس فيهن والمعنى يأكل الناس فيهن أو يأكل أهلهن ما قدمتم أي ما أدخرتم لهن (إلا قليلا مما تحصنون) أي مما تحبسون من الحب لتزرعوا به لأن في استيفاء البذر تحصين الأقوات.
وقال أبو عبيدة: معناه تحرزون وقيل تدخرون وقيل تخزنون والمعنى واحد والإحصان الإحراز وهو إبقاء الشيء في الحصن بحيث يحفظ ولا يضيع، أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد عجبت من يوسف عليه السلام وكرمه وصبره والله يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ولو كنت مكانه ما أخبرتهم حتى اشترط عليهم أن يخرجوني ولقد عجبت من يوسف عليه السلام وصبره وكرمه والله يغفر له حين أتاه الرسول ولو كنت مكانه لبادرتهم الباب ولكنه أراد أن يكون له العذر "(١)
(١) وهو حديث مرسل وقد أورده ابن كثير في تفسيره ٢/ ٤٨١.