للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أنكر بعض المعتزلة كأبي علي الجبائي وأتباعه أن للعين تأثيراً إنكاراً بليغاً ولم يذكروا في إنكاره شبهة فضلاً عن حجة، وليس هذا بمستنكر من هؤلاء فقد صار دفع أدلة الكتاب والسنة بمجرد الاستبعادات العقلية دأبهم وديدنهم، وأي مانع من إصابة العين بتقدير الله سبحانه لذلك.

وقد وردت الأحاديث الصحيحة بأن العين حق وأصيب بها جماعة في عصر النبوة منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعجب من إنكار هؤلاء لما وردت به نصوص هذه الشريعة ما يقع من بعضهم من الإزراء على من يعمل بالدليل المخالف لمجرد الاستبعاد العقلي، والتنطع في العبارات كالزمخشري في تفسيره فإنه في كثير من المواطن لا يقف على دفع دليل الشرع بالاستبعاد الذي يدعيه على العقل حتى يضم إلى ذلك الوقاحة في العبارة على وجه يوقع المقصرين في الأقوال الباطلة والمذاهب الزائفة.

وبالجملة فقول هؤلاء مدفوع بالأدلة المتكاثرة وإجماع من يعتد به من هذه الأمة سلفاً وخلفاً، وبما هو مشاهد في الوجود، فكم من شخص من هذا النوع الإنساني وغيره من أنواع الحيوان هلك بهذا السبب، وقد اختلف العلماء فيمن عرف بالإصابة بالعين، فقال قوم يمنع من الاتصال بالناس دفعاً لضرره بحبس أو غيره من لزوم بيته، وقيل ينفى، وأبعد من قال أنه يقتل إلا إذا كان يتعمد ذلك ويتوقف إصابته على اختياره وقصده ولم ينزجر عن ذلك فإنه إذا قتل كان له حكم القاتل.

ثم قال يعقوب لأولاده (وما أغني عنكم من الله من شيء) أي لا أدفع عنكم ضرراً ولا أجلب إليكم نفعاً بتدبيري هذا بل ما قضاه الله عليكم فهو واقع لا محالة قال الزجاج وابن الأنباري: لو سبق في علم الله أن العين تهلكهم مع الاجتماع لكان تفرقهم كاجتماعهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>