وقيل سبب معرفتهم له بمجرد قوله (ما فعلتم بيوسف وأخيه) أنهم لما قال لهم ذلك تنبهوا وفهموا أنه لا يخاطبهم بمثل هذا إلا هو، وقيل إنه لما قال لهم هذه المقالة وضع التاج عن رأسه فعرفوه، وقيل إنه تبسم فعرفوا ثناياه.
(قال أنا يوسف) أجابهم بالاعتراف بما سألوه عنه، قال ابن الأنباري: أظهر الاسم فقال أنا يوسف ولم يقل أنا هو تعظيماً لما وقع له من ظلم إخوته، كأنه قال أنا المظلوم المستحل منه المحرم المراد قتله، فاكتفى بإظهار الاسم عن هذه المعاني وقال (وهذا أخي) مع كونهم يعرفونه ولا ينكرونه لأن قصده وهذا أخي المظلوم كظلمي (قد منَّ الله علينا) بالخلاص عما ابتلينا به، وقيل منَّ الله علينا بكل خير في الدنيا والآخرة وقيل بالجمع بيننا بعد التفرق وقيل بالسلامة في ديننا ودنيانا ولا مانع من إرادة جميع ذلك.
(إنه من يتق ويصبر) قرئ بالجزم على أن من شرطية وقرئ بإثبات الياء في يتقي وقيل من موصولة لا شرطية وهو بعيد والمعنى من يفعل التقوى أو يفعل ما يتقيه من الذنوب ويصبر على المصائب، وقيل يتقي الزنا ويصبر على العزوبة، وقيل يتقي المعصية ويصبر على السجن، وقيل يتقي الله بأداء فرائضه ويصبر عما حرم الله، وقيل يتقي الفحشاء ويصبر على الطاعة والعموم أولى، ولا وجه لتخصيص نوع دون نوع.
(فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) على العموم فيدخل فيه ما يفيده السياق دخولاً أولياً وجاء بالظاهر وكان المقام مقام المضمر أي أجرهم للدلالة على أن الموصوفين بالتقوى موصوفون بصفة الإحسان.