سجدت الملائكة تشرفة لآدم وليس سجود عبادة وكان ذلك بأمر الله لتحقيق رؤياه.
(وقال) يوسف عليه السلام (يا أبت هذا تأويل رؤياي) التي تقدم ذكرها (من قبل) أي من قبل هذا الوقت في حال الصغر (قد جعلها ربي حقاً) أي صدقاً بوقوع تأويلها في اليقظة على ما دلت عليه قيل وكان بين الرؤيا والتأويل أربعون سنة أو ثمانون أو ست وثلاثون أو اثنتان وعشرون، وقيل خمس وثلاثون، وقيل سبعون حكى هذه الأقوال كلها ابن الجوزي والله أعلم كم كان بينهما.
(وقد أحسن بي) الأصل أن يتعدى فعل الإحسان بإلى وقد يتعدى بالباء كما في قوله وبالوالدين إحساناً ويقال بي وإليّ بمعنى واحد، وقيل أنه ضمن أحسن معنى لطف أي لطف بي محسناً (إذ أخرجني من السجن) بعدما ابتليت به، ولم يذكر إخراجه من الجب، لأن في ذكره نوع من تثريب وتخجيل للإخوة وقد قال (لا تثريب عليكم اليوم) وقد تقدم سبب سجنه ومدة بقائه فيه.
وقد قيل إن وجه عدم ذكر إخراجه من الجب أن المنة كانت في إخراجه من السجن أكبر من المنة في إخراجه من الجب لأن دخوله الجب كان بحسد إخوته ودخوله السجن بسبب تهمة المرأة فإخراجه من السجن كان لزوال التهمة عنه، وكان ذلك من أعظم نعمه سبحانه عليه وفيه بعد وضعف، وقيل لأن إخراجه من السجن كان سبباً لوصوله إلى الملك، أو لأن مصيبة السجن عنده كانت أعظم لطول مدتها ولمصاحبة الأوباش وأعداء الدين فيه بخلاف مصيبة الجب لقصر مدتها ولكون المؤنس له فيها جبريل عليه السلام وغيره من الملائكة.
(وجاء بكم من البدو) أي البادية أي أرض كنعان بالشام وكانوا أهل