(أنت ولي) أي ناصري ومتولي أموري (في الدنيا والآخرة) تتولاني فيهما.
(توفني مسلماً) أي على الإسلام لا يفارقني حتى أموت، قيل إنه دعا بذلك مع علمه بأن كل نبي لا يموت إلا مسلماً إظهاراً للعبودية والافتقار وشدة الرغبة في طلب سعادة الخاتمة وتعليماً لغيره، وهذه حالة زائدة على الإسلام الذي هو ضد الكفر؛ والمطلوب هاهنا هو الإسلام بهذا المعنى، قاله الرازي والخطيب والكرخُي.
قال ابن عباس: ما سأل نبي الوفاة غير يوسف عليه السلام اشتاق إلى لقاء الله واحب أن يلحق به وبآبائه، فدعا الله أن يتوفاه (و) قال (ألحقني بالصالحين) من النبيين من آبائي وغيرهم فأظفر بثوابهم منك ودرجاتهم عندك، قال الضحاك: يعني إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، وقال عكرمة: يعني أهل الجنة.
قيل إنه لما دعا بهذا الدعاء توفاه الله عز وجل ولم يأت عليه أسبوع بعد هذا الدعاء، قيل كان عمره عند أن أَلقي في الجب سبع عشرة سنة، وكان في العبودية والسجن والملك ثمانين سنة إلى قدوم أبيه يعقوب، ثم عاش بعد اجتماع شملهم حتى كمل عمره المقدار الذي سيأتي وتوفاه الله.
وليس في اللفظ ما يدل أنه طلب الوفاة في الحال ولهذا ذهب الجمهور إلى أنه لم يتمن الموت بهذا الدعاء في الحال وإنما دعا ربه أن يتوفاه على دين الإسلام ويلحقه بالصالحين من عباده عند حضور أجله.
وقد عاش بعد ذلك سنين كثيرة وولد له من امرأة العزيز ثلاثة أولاد إفراثيم وميشا ورحمة امرأة أيوب، ولما مات دفنوه في أعلى النيل في صندوق من رخام وقيل من حجارة المرمر لتعم البركة جانبيه، فسبحان من لا انقضاء لملكه، فبقي أربعمائة سنة إلى أن أخرجه موسى وحمله معه حتى دفنه بقرب آبائه بالشام في الأرض المقدسة فهو الآن هناك.