تكن الرسل لتظن ذلك بربها قلت فما هذه الآية قالت هم أتباع الرسل الذين آمنوا بهم وصدقوهم وطال عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من قومهم وظنت الرسل أن أتباعهم قد كذبوهم جاءهم نصر الله عند ذلك.
وقال ابن عباس: كذبوا مخففة يقول اخلفوا وكانوا بشراً حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله، قال عروة: عن عائشة أنها خالفت ذلك وأبته وقالت: والله ما وعد الله رسوله من شيء إلا علم أنه سيكون قبل أن يموت، ولكنه لم يزل البلاء بالرسل حتى ظنوا أن من معهم من المؤمنين قد كذبوهم، وكانت تقرأها مثقلة.
وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ (وظنوا أنهم قد كذبوا) مخففة أخرجه ابن مردويه من طريق عكرمة، وعن ابن عباس أيضاً أنه كان يقرأ قد كذبوا مخففة وقال: يئس الرسل من قومهم أن يستجيوا لهم وظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم بما جاؤهم به جاؤوهم نصرنا أي الرسل، وبها قرأ ابن مسعود قال: استيأس الرسل من إيمان قومهم أن يؤمنوا بهم وظن قومهم حين إبطاء النصر أنهم قد كذبوا، وقال حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سورة يوسف أنهم قد كذبوا مخففة، وللسلف في هذا كلام يرجع إلى ما ذكرناه من الخلاف عن الصحابة.
(فنجى من نشاء) من عبادنا عند نزول العذاب بالكافرين والذين نجاهم الله هم الرسل ومن آمن معهم وهلك المكذبون (ولا يرد بأسنا) أي عذابنا عند نزوله (عن القوم المجرمين) المشركين. قال ابن عباس: وذلك أن الله بعث الرسل يدعون قومهم فأخبروهم أن من أطاع الله نجا، ومن أعرض عُذب وغوى، وفيه بيان من يشاء الله نجاته من العذاب وهم من عدا هؤلاء المجرمين.