لا يدرك منتهاه زاد الكرخي: فقوله مد الأرض يشعر بأنه تعالى جعل الأرض حجماً عظيماً لا يقع البصر على منتهاه انتهى.
قيل وهذا المد الظاهر للبصر لا ينافي كرويتها في نفسها لتباعد أطرافها، وبه قال أهل الهيئة (١)، والله أخبر أنه مد الأرض وأنه دحاها وبسطهما وأنه جعلها فراشاً وكل ذلك يدل على كونها مسطحة كالأكف، وهو أصدق قيلاً وأبين دليلاً من أصحاب الهيئة.
وفي الجامع الصغير حديث رواه البيهقي عن ابن عباس ولفظه: أول بقعة وضعت من الأرض موضع البيت ثم مدت منها الأرض، وأن أول جبل وضعه الله على وجه الأرض أبو قبيس ثم مدت منه الجبال (١).
وعن ابن عمرو قال: الدنيا مسيرة خمسمائة عام، أربعمائة عام خراب ومائة عمران، في أيدي المسلمين من ذلك مسيرة سنة، وقد روي عن جماعة من السلف في ذلك تقريرات لم يأت عليها دليل يصح.
وعن علي بن أبي طالب قال: لما خلق الله الأرض قمصت وقالت: أي رب تجعل عليّ بني آدم يعملون عليّ الخطايا ويجعلون عليّ الخبث فأرسل الله فيها من الجبال ما ترون وما لا ترون فكان إقرارها كاللحم ترجرج.
(وجعل فيها) جبالاً (رواسي) أي ثوابت تمسكها عن الاضطراب وأحدها راسية لأن الأرض ترسو بها أي تثبت والرسو الثبوت (وأنهاراً) أي مياهاً جارية في الأرض فيها منافع الخلق، أو المراد جعل فيها مجاري الماء.
(ومن كل الثمرات) متعلق بجعل في قوله (جعل فيها زوجين اثنين) أي اثنينية حقيقية وهما الفردان اللذان كل منهما زوج الآخر، وأكد به الزوجين لئلا يفهم أن المراد بذلك الشفعان إذ يطلق الزوج على المجموع، ولكن اثنينية ذلك اثنينية اعتبارية، أي جعل من كل نوع من أنواع ثمرات الدنيا صنفين،