(إن الله اصطفى لكم الدين) المراد بالدين ملته التي لا يرغب عنها إلا من سفه نفسه وهي الملة التي جاء بها محمد - صلى الله عليه وسلم -، وفي قوله:
(فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) إيجاز بليغ، والمراد إلزموا الإسلام ولا تفارقوه حتى تموتوا، وهذا استثناء مفرغ من أعم الأحوال أي لا تموتوا على حالة غير حالة الإسلام، وليس فيه نهي عن الموت الذي هو قهري، ولهذا قال السيوطي نهى عن ترك الإسلام وأمر بالثبات عليه إلى مصادفة الموت، انتهى، والمعني أن موتهم لا على حال الثبات على الإسلام موت لا خير فيه، وإن حق هذا الموت أن لا يحصل فيهم، عن فضيل بن عياض قال:
(مسلمون) أي محسنون بربكم الظن، ويدل عليه ما روي عن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل موته بثلاثة أيام يقول: " لا يموتن أحد إلا وهو يحسن الظن بربه " أخرجاه في الصحيحين (١).
(١) قال البغوي: في تفسيره -١٨٨: والنهي في ظاهر الكلام وقع على الموت، وإنما نُهوا في الحقيقة عن ترك الإسلام معناه: داوموا على الإسلام حتى لا يصادفكم الموت إلا وأنتم مسلمون، وعن الفضيل بن عياض رحمه الله: أنه قال: إلا وأنتم مسلمون، أي: محسنون بربكم الظن، أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح، أنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، أنا علي بن الجعد أنا أبو جعفر الرازي عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة أيام، يقول: " لا يموتن أحدكم إلاّ وهو يحسن الظن بالله عز وجلّ ".