يضل من يشاء ويهدي من يشاء وكل ذلك فيه تكلف وبعد، والأول أظهر وأولى.
(في أمة) أي قرن (قد خلت) مضت (من قبلها) أي قبل الأمة (أمم) قرون أو في جماعة من الناس كثيرة قد مضت من قبلها جماعات (لتتلو) لتقرأ (عليهم الذي أوحينا إليك) أي القرآن (و) الحال أن (هم يكفرون) أو استئناف وهم عائد على أمة من حيث المعنى، ولو عاد على لفظها لقيل وهي تكفر، وقيل على أمة، وعلى أمم، وقيل على الذين قالوا لولا أنزل (بالرحمن) أي بالكثير الرحمة لعباده، ومن رحمته لهم إرسال الرسل إليهم وإنزال الكتب عليهم كما قال سبحانه (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
عن قتادة قال: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية حين صالح قريشاً كتب في الكتاب: " بسم الله الرحمن الرحيم، فقالت قريش أما الرحمن فلا نعرفه، وكان أهل الجاهلية يكتبون باسمك اللهم، فقال أصحابه دعنا نقاتلهم، فقال: لا ولكن اكتبوا كما يريدون "(١) وعن ابن جريج في هذه الآية نحوه وقيل حيث قالوا لما أمروا بالسجود له وما الرحمن كما ذكر في سورة الفرقان بقوله (وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن) فهذه الآية متقدمة على ما هنا في النزول وإن تأخرت عنها في المصحف والتلاوة، وقيل غير ذلك، (قل هو ربي) مستأنفة بتقدير سؤال كأنهم قالوا وما الرحمن؟ فقال سبحانه: قل يا محمد هو ربي، أي الرحمن الذي أنكرتم معرفته ربي وخالقي.
(لا إله إلا هو) أي لا يستحق العبادة له والإيمان به سواه (عليه توكلت) في جميع أموري (وإليه) لا إلى غيره (متاب) أي توبتي قاله مجاهد، وفيه تعريض بالكفار وحث لهم على الرجوع إلى الله والتوبة من الكفر والدخول في الإسلام.