آمنوا من إيمان هؤلاء الكفار لعلمهم أن الله تعالى لو أراد هدايتهم لهداهم لأن المؤمنين تمنوا نزول الآيات التي اقترحها الكفار طمعاً في إيمانهم.
قال ابن عباس: لا يصنع من ذلك إلا ما يشاء ولم يكن ليفعل وقال ييأس يعلم وعن ابن زيد نحوه وعن أبي العالية، قد يئس الذين آمنوا أن يهدوا ولو شاء لهدى الناس جميعاً وفيه دلالة على أن الله لم يشأ هداية جميع الخلائق.
(ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة) هذا وعيد للكفار على العموم ولكفار مكة على الخصوص أي لا يزال تصيبهم بسبب ما صنعوا من الكفر والتكذيب للرسل والأعمال الخبيثة داهية تفجؤهم وتهلكهم وتستأصلهم يقال قرعه الأمر إذا أصابه والجمع قوارع والأصل في القرع الضرب والقارعة الشديدة من شدائد الدهر وهي الداهية، والمعنى أن الكفار لا يزالون كذلك حتى تصيبهم نازلة وداهية مهلكة من قتل أو أسر أو جدب أو حرب أو نحو ذلك من العذاب وقد قيل أن القارعة النكبة، وقيل الطلائع والسرايا قاله ابن عباس ولا يخفى إن القارعة تطلق على ما هو أعم من ذلك.
(أو تحل) القارعة (قريباً من دارهم) فيفزعون منها ويشاهدون من آثارها ما ترجف له قلوبهم وترعد منه بوادرهم، وقيل أن الضمير في تحل للنبي صلى الله عليه وسلم، والمعنى أو تحل أنت يا محمد مكاناً قريباً من دارهم محاصراًً لهم آخذاً بمخانقهم كما وقع منه صلى الله عليه وآله وسلم لأهل الطائف والأول أبين وأظهر.
(حتى يأتي وعد الله) وهو موتهم أو قيام الساعة عليهم، فإنه إذا جاء وعد الله المحتوم وحل بهم من عذابه ما هو الغاية في الشدة، وقيل المراد بوعد الله هنا الإذن منه بقتال الكفار والنصر والفتح وظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم ودينه، وقال ابن عباس: فتح مكة وكان في الثامنة وحج في العاشرة ولم يحج غيرها والأول أولى (إن الله لا يخلف الميعاد) فما جرى به وعده فهو كائن