لم يروا (أنا نأتي الأرض) أي أرض الكفر كمكة (ننقصها من أطرافها) بالفتوح على المسلمين منها شيئاً فشيئاً بما ينقص من أطراف المشركين ويزيد في أطراف المؤمنين.
قال الزجاج: أعلم الله أن بيان ما وعد المشركين من قهرهم قد ظهر، يقول أو لم يروا أنا فتحنا على المسلمين من الأرض ما قد تبين لهم فكيف لا يعتبرون وهذا قول قتادة وجماعة من المفسرين، وقيل أن معنى الآية ننقصها بموت العلماء والصلحاء. وقال ابن عباس: موت علمائها وفقائها وذهاب خيار أهلها. وعن مجاهد نحوه.
قال القشيري: وعلى هذا فالأطراف الأشراف، وقد قال ابن الأعرابي: الطرف الرجل الكريم، قال القرطبي: وهذا القول بعيد لأن مقصود الآية أنا أريناهم النقصان في أمرهم ليعلموا أن تأخير العقاب عنهم ليس عن عجز إلا أن يحمل على فوت أحبار اليهود والنصارى.
قال الواحدي؛ التفسير الأول أولى لأن هذا القول وإن صح فلا يليق بهذا الموضع وبه قال الرازي، وقيل المراد خراب الأرض المعمورة حتى يكون العمران في ناحية منها. قاله ابن عباس وبه قال مجاهد وعكرمة والشعبي وعطاء وجماعة من المفسرين أي نخربها ونهلك أهلها أفلا تخافون أن يفعل بكم ذلك.
وقيل المراد بالآية هلاك من هلك من الأمم، وقيل المراد جور ولاتها حتى تنقص. وقال ابن عباس: نقصان أهلها وبركتها. وعنه إنما تنقص الأنفس والثمرات، وأما الأرض فلا تنقص.
(والله يحكم) ما يشاء في خلقه فيرفع هذا ويضع هذا، ويحصي هذا ويميت هذا ويغني هذا ويفقر هذا، وفي الالتفات من التكلم إلى الغيبة وبناء الحكم على الاسم الشريف والعلم الجليل من الدلالة على الفخامة وتربية المهابة وتحقيق مضمون الخبر بالإشارة إلى العلة ما لا يخفى على ذي بصيرة.