للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستغيث، يقال استصرخني فأصرخته والصريخ صوت المستصرخ والصريخ أيضا الصارخ وهو المغيث والمستغيث وهو من أسماء الأضداد كما في الصحاح.

قال ابن الأعرابي: الصارخ المستغيث والمصرخ المغيث، ومعنى الآية ما أنا بمغيثكم ومنقذكم مما أنتم فيه من العذاب، وما أنتم بمغيثي ولا منقذي مما أنا فيه وفيه إرشاد لهم إلى أن الشيطان في تلك الحالة مبتلى بما ابتلوا به من العذاب، محتاج إلى من يغيثه ويخلصه مما هو فيه فكيف يطمعون في إغاثة من هو محتاج إلى من يغيثه.

قال ابن عباس: المعنى ما أنا بنافعكم وما أنتم بنافعي، وقال الشعبي في هذه الآية: خطيبان يقومان يوم القيامة إبليس وعيسى؛ فأما إبليس فيقوم في حزبه فيقول القول المذكور في الآية، وأما عيسى فيقول (ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد) وقال قتادة: المعنى ما أنا بمعينكم. (إني كفرت بما أشركتمون من قبل) قد ذهب جمهور المفسرين إلى أن ما مصدرية أي بإشراككم أياي مع الله في الطاعة لأنهم كانوا يطيعونه في أعمال الشر، كما يطاع الله في أعمال الخير، فالإشراك استعارة بتشبيه الطاعة به وتنزيلها منزلته، أو لأنهم لما أشركوا الأصنام ونحوها بإيقاعه لهم في ذلك فكأنهم أشركوه وقيل موصولة على معنى إني كفرت بالذي أشركتمونيه وهو الله عز وجل، ويكون هذا حكاية لكفره بالله عند أن أمره بالسجود لآدم.

ولما كشف لهم القناع بأنه لا يغنى عنه من عذاب الله شيئاً ولا ينصرهم بنوع من أنواع النصر، صرح لهم بأنه كافر بإشراكهم له مع الله في الربوبية من قبل هذا الوقت الذي قال لهم الشيطان فيه هذه المقالة، وهو ما كان منهم في الدنيا من جعله شريكاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>