وتوسيطه لإظهار العناية الكاملة بهذه العبادة وللإشعار بأنها المقصودة بالذات من إسكانهم ثَمَّ (١) والمقصود من الدعاء توفيقهم لها، وقيل اللام لام الأمر والمراد الدعاء لهم بإقامة الصلاة كأنه طلب منهم الإقامة وسأل من الله أن يوفقهم لها أثبت أن الإقامة عنده للعبادة وقد نفى كونها للكسب فجاء الحصر.
(فاجعل أفئدة) الأفئدة جمع فؤاد وهو القلب عبر به عن جميع البدن لأنه أشرف عضو فيه، وقيل هو جمع وفد والأصل أوفده فكأنه قال واجعل وفوداً (من الناس تهوي إليهم) من للتبعيض، وقيل زائدة ولا يلزم منه أن يحج اليهود والنصارى لدخولهم تحت لفظ الناس، لأن المطلوب توجيه قلوب الناس إليهم للسكون معهم والجلب إليهم لا توجيهها إلى الحج، ولو كان هذا مراداً لقال تهوي إليه، وقيل من للابتداء كقوله القلب مني سقيم تريد قلبي، ومعنى تهوي إليهم تنزع إليهم؛ وقيل تسرع وتميل وتحن إليهم لزيارة بيتك لا لذواتهم وأعيانهم.
وفي هذا بيان أن حنين الناس إليهم إنما هو لطلب حج البيت لا لأعيانهم، يقال هوى نحوه إذا مال وهوت الناقة تهوي هوياً فهي هاوية إذا عدت عدواً شديداً كأنها تهوي في بئر، ويحتمل أن يكون المعنى تجيء إليهم أو تسرع إليهم وقيل تحن وتطير وتشتاق إليهم، وأصله أن يتعدى باللام وإنما تعدى بإلى لأنه ضمن معنى تميل.
قال السدي: أي أمل قلوبهم إلى هذا الموضع، وقيل تريدهم، قاله الفراء وقيل تنحط إليهم وتنحدر وتنزل، وهذا قول أهل اللغة والمعاني