(لا يرتد إليهم طرفهم) أي لا ترجع إليهم أبصارهم من شدة الخوف، وأصل الطرف تحريك الأجفان، وسميت العين طرفاً لأنه يكون لها، وقال ابن عباس: يعني شاخصة أبصارهم قد شغلهم ما بين أيديهم (وأفئدتهم هواء) الهواء في اللغة الجوف الخالي الذي لم تشغله الإجرام، والمعنى أن قلوبهم خالية عن العقل والفهم لما شاهدوا من الفزع والحيرة والدهش وجعلها نفس الهواء مبالغة ومنه قيل للأحمق والجبان قلبه هواء أي لا رأي فيه ولا قوة.
وقيل معنى الآية أنها خرجت قلوبهم عن مواضعها فصارت في الحناجر لا تخرج من أفواههم ولا تعود إلى أماكنها، وقيل هواء بمعنى مترددة تهوي في أجوافهم ليس لها مكان تستقر فيه، وقيل المعنى أن أفئدة الكفار في الدنيا خالية عن الخير. قال ابن عباس: ليس فيها شيء من الخير فهي كالخربة، قال قتادة: ليس فيها شيء خرجت من صدورهم فنشبت في حلوقهم، وعن مرة قال: منخرقة لا تعي شيئاً، وقيل المعنى وأفئدتهم ذات هواء.
ومما يقارب معنى هذه الآية قوله تعالى (وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً) أي خالياً من كل شيء إلا من همّ موسى عليه السلام، والحاصل أن القلوب يومئذ زائلة عن أماكنها والأبصار شاخصة والرؤوس مرفوعة إلى السماء من هول ذلك اليوم وشدته.