الثواب أيضاً لأن المقام مقام تهديد، وقيل المراد به يوم موتهم فإنه أول أوقات إتيان العذاب، وقيل المراد يوم هلاكهم بالعذاب العاجل.
(فيقول الذين ظلموا) المراد بهم هنا هم الناس، أي فيقولون، والعدول إلى الإظهار مكان الإضمار للإشعار بأن الظلم هو العلة فيما نزل بهم. هذا إذا كان المراد بالناس هم الكفار، وعلى تقدير كون المراد بهم من يعم المسلمين فالمعنى فيقول الذين ظلموا منهم وهم الكفار (ربنا أخرنا) أي أمهلنا (إلى أجل قريب) أي أمد من الزمان معلوم غير بعيد (نجب دعوتك) لعبادك على ألسن أنبيائك إلى توحيدك.
(ونتبع الرسل) المرسلين منك إلينا فنعمل بما بلغوه إلينا من شرائعك ونتدارك ما فرط منا من الإهمال، وإنما جمع الرسل لأن دعوتهم إلى التوحيد متفقة فاتباع واحد منهم اتباع لجميعهم، وهذا منهم سؤال للرجوع إلى الدنيا لما ظهر لهم الحق في الآخرة (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه).
ثم حكى الله سبحانه ما يجاب به عنهم عند أن يقولوا هذه المقالة فقال (أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال) أي فيقال لهم هذا القول توبيخاً وتقريعاً من قبل الله أو الملائكة والاستفهام تقريري.
قال ابن عباس: من زوال عما أنتم فيه إلى ما تقولون، وقال السدي: بعث بعد الموت، أي ألم تكونوا أقسمتم من قبل هذا اليوم ما لكم من زوال من دار الدنيا، وقيل أنه لا قسم منهم حقيقة وإنما كان لسان حالهم ذلك لاستغراقهم في الشهوات وإخلادهم إلى الحياة الدنيا.
وقيل قسمهم هذا هو ما حكاه الله عنهم في قوله (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت) وجواب القسم (ما لكم من زوال) وإنما جاء بلفظ الخطاب في ما لكم لمراعاة أقسمتم، ولولا ذلك لقال ما لنا من زوال.