قيل وما هنا لحقت رب لتهيأ للدخول على الفعل وقيل نكرة بمعنى شيء وإنما دخلت رب هنا على المستقبل مع كونها لا تدخل إلا على الماضي لأن المترقب في أخباره سبحانه كالواقع المتحقق، فكأنه قيل ربما ود الذين كفروا بهذا الكتاب والقرآن، فهذا مرتبط بما قبله.
(لو كانوا مسلمين) أي منقادين لحكمه مذعنين له من جملة أهله، وكانت هذه الودادة منهم عند موتهم أو يوم القيامة، والمراد أنه لما انكشف لهم الأمر واتضح بطلان ما كانوا عليه من الكفر، وأن الدين عند الله سبحانه هو الإسلام لا دين غيره، حصلت منهم هذه الودادة التي لا تسمن ولا تغني من جوع بل هي لمجرد التحسر والتندم ولوم النفس على ما فرطت في جنب الله.
وقيل كانت هذه الودادة منهم عند معاينة حالهم وحال المسلمين، وقيل عند خروج عصاة الموحدين من النار، والظاهر أن هذه الودادة كائنة منهم في كل وقت مستمرة في كل لحظة بعد انكشاف الأمر لهم، ولو مصدرية أو امتناعية وجوابها محذوف أي لسروا بذلك أو تخلصوا مما هم فيه والأول أولى.
والتعبير عن متمناهم بالغيبة نظراً للإخبار عنهم، ولو نظر لصدوره منهم لقيل لو كنا.
عن ابن عباس وابن مسعود وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: ود المشركون يوم بدر حين ضربت أعناقهم فعرضوا على النار أنهم كانوا مؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم. وعن ابن مسعود قال: هذا في الجهنمين إذا رأوهم يخرجون من النار.
وعن ابن عباس قال: لا يزال الله يشفع ويدخل ويشفع ويرحم حتى يقول: من كان مسلماً فليدخل الجنة، فذلك قوله ربما يود الذين كفروا.