للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وحيث ما كنتم) أي من بر، أو بحر، مشرق أو مغرب وهذا خطاب للأمة (فولوا وجوهكم شطره) أي نحو البيت وتلقاءه، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ما بين المشرق والمغرب قبلة، (١) أخرجه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح قيل أراد بالمشرق مشرق الشتاء في أقصر يوم من السنة وبالمغرب مغرب الصيف في أطول يوم من السنة، فمن جعل مغرب الصيف في هذا الوقت عن يمينه ومشرق الشتاء عن يساره كان مستقبلاً للقبلة، وهذا في حق أهل المشرق لأن المشرق الشتوي جنوبي متباعد عن خط الاستواء بمقدار الميل، والمغرب الصيفي شمالي متباعد عن خط الاستواء، والذي بينهما فقوسها مكة، والفرض لمن بمكة في القبلة إصابة عين الكعبة، ولمن بعد من مكة إصابة الجهة ويعرف ذلك بدلائل القبلة، وليس هذا موضع ذكرها، وهذا أحد الأصول الدالة على تجويز الاجتهاد، وفيه إيجاب استقبال الكعبة في كل صلاة فرضاً كانت أو نفلاً في كل مكان حضراً أو سفراً، وهو مخصوص بالآية التقدمة في نافلة السفر على الراحلة وبالآية الآتية في حال المسايفة.

(وإن الذين أوتوا الكتاب) قال السدي: هم اليهود خاصة والكتاب التوراة وقال غيره: أحبار اليهود وعلماء النصارى لعموم اللفظ، والكتاب التوراة والإنجيل (ليعلمون أنه الحق من ربهم) الضمير في (أنه) راجع إلى ما يدل عليه الكلام من التحول إلى جهة الكعبة، وعلم أهل الكتاب بذلك إما لكونه قد بلغهم عن أنبيائهم، أو وجدوا في كتب الله المنزلة عليهم أن هذا النبي مستقبل الكعبة أو لأنهم قد علموا من كتبهم أو أنبيائهم أن النسخ سيكون في هذه الشريعة، فيكون ذلك موجباً عليهم الدخول في الإسلام ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل راجع إلى الشطر، وقيل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ويكون على هذا إلتفاتاً من خطابه بقوله (فلنولينك) إلى الغيبة، والأول أولى (وما الله بغافل عما يعملون) قال السدي: أنزل ذلك في اليهود والمعنى ما أنا بساه عما يفعل هؤلاء اليهود فأنا أجازيهم عليه في الدنيا والآخرة.


(١) صحيح الجامع الصغير ٥٤٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>