للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الشهاب: إن كون قبلة النصارى مطلع الشمس صرحوا به لكن وقع في بعض كتب القصص أن قبلة عيسى كانت بيت المقدس.

وقال الحافظ ابن القيم في بدائع الفوائد: قبلة أهل الكتاب ليست بوحي وتوقيف من الله بل بمشورة واجتهاد منهم، أما النصارى فلا ريب أن الله لم يأمرهم في الإنجيل ولا في غيره باستقبال المشرق، وهم يقرون بأن قبلة المسيح قبلة بني إسرائيل وهي الصخرة، وإنما وضع لهم أشياخهم هذه القبلة فهم مع اليهود متفقون على أن الله لم يشرع استقبال بيت المقدس على رسوله أبداً، والمسلمون شاهدون عليهم بذلك الأمر، وأما اليهود فليس في التوراة الأمر باستقبال الصخرة البتة، وإنما كانوا ينصبون التابوت ويصلون إليه من حيث خرجوا فإذا قدموا نصبوه على الصخرة وصلوا عليه، فلما رفع صلوا إلى موضعه وهو الصخرة.

(ولئن اتبعت أهواءهم) يعني مرادهم ورضاهم لو رجعت إلى قبلتهم (من بعد ما جاءك من العلم) في أمر القبلة أو بأنهم مقيمون على باطل وعناد (إنك إذاً لمن الظالمين) فيه من التهديد العظيم والزجر البليغ ما تقشعر له الجلود، وترجف منه الأفئدة، وإذا كان الميل إلى أهوية المخالفين لهذه الشريعة الغراء والملة الشريفة من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي هو سيد ولد آدم (١) يوجب


(١) ذكر مسلم في صحيحه: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع مسلم/٢٢٧٨.
كذلك يؤيده حديث الشفاعة الذي رواه مسلم/١٩٤ والبخاري/١٥٧٩: وملخصه أنا سيد الناس يوم القيامة وهل تدرون بم ذاك يجمع الله يوم القيامة الأولين والأخرين في صعيد واحد فيسمعهم الداعي وينفذهم البصر وتدنوا الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون وما لا يحتملون فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون ما أنتم فيه ألا ترون ما قد بلغكم ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم ... فياتون آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ويأتون عمداً ويسألونه الشفاعة فيجاب يا محمد ارفع رأسك، سل تعطه، اشفع تشفع يا محمد أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الناس. انظر بتنصل لحديث مسلم/٢٢٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>