قال ابن العربي: ما الذي يمنع أن يقسم الله سبحانه بحياة لوط ويبلغ به من التشريف ما شاء، وكل ما يعطيه الله سبحانه للوط من فضل يؤتى ضعفه من شرف لحمد صلى الله عليه وسلم لأنه أكرم على الله منه، أو لا تراه سبحانه أعطى إبراهيم الخلة وموسى التكليم وأعطى ذلك لمحمد صلى الله عليه وسلم، قال فإذا أقسم الله سبحانه بحياة لوط فحياة محمد صلى الله عليه وسلم أرفع، قال القرطبي: ما قاله حسن فإنه يكون قسمه سبحانه بحياة محمد صلى الله عليه وسلم كلاماً معترضاً في قصة لوط عليه السلام.
فإن قيل قد أقسم الله سبحانه بالتين والزيتون وطور سينين ونحو ذلك فما فيها من فضل، وأجيب بأنه ما من شيء أقسم الله به إلا وفي ذلك دلالة على فضله على جنسه، وقيل الإقسام منه سبحانه بالتين والزيتون وطور سينين والنجم والضحى والشمس والليل ونحو ذلك هو على حذف مضاف هو المقسم به، أي وخالق التين وكذلك ما بعده، وفي قوله (لعمرك) أي وخالق عمرك.
وذكر صاحب الكشاف وأتباعه أن هذا القسم هو من الملائكة على إرادة القول، أي قالت الملائكة للوط لعمرك، ثم قال: وقيل الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه أقسم بحياته وما أقسم بحياة أحد قط كرامة له. انتهى.
وقد كره كثير من العلماء القسم بغير الله سبحانه، وجاءت بذلك الأحاديث الصحيحة في النهي عن القسم بغير الله فليس لعباده أن يقسموا بغيره وهو سبحانه يقسم بما شاء من مخلوقاته لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
(إنهم لفي سكرتهم يعمهون) أي أنهم لفي غوايتهم وشدة غِلمَتهم التي أزالت عقولهم وتمييزهم بين خطئهم والصواب الذي يشار به إليهم