بالركوب يدل على أنها مخلوقة لهذه المصلحة دون غيرها، قالوا ويؤيد ذلك إفراد هذه الأنواع الثلاثة بالذكر وإخراجها عن الأنعام، فيفيد ذلك اتحاد حكمها في تحريم الأكل، قالوا ولو كان أكل الخيل جائزًا لكان ذكره والامتنان به أولى من ذكر الركوب لأنه أعظم فائدة منه.
وقد ذهب إلى هذا مالك وأبو حنيفة وأصحابهما والأوزاعي ومجاهد وأبو عبيد وغيرهم، وذهب الجمهور من الفقهاء والمحدثين وغيرهم إلى حل لحوم الخيل، وهو قول الحسن وشريح وعطاء وسعيد بن جبير، وإليه ذهب الشافعي وأحمد وإسحاق، ولا حجة لأهل القول الأول في التعليل بقوله لتركبوها، لأن ذكر ما هو الأغلب من منافعها لا ينافي غيره، ولا نسلم أن الأكل أكثر فائدة من الركوب حتى يذكر ويكون ذكره أقدم من ذكر الركوب.
وأيضاً لو كانت هذه الآية تدل على تحريم الخيل لدلت على تحريم الحمر الأهلية وحينئذ لا يكون ثم حاجة لتجديد التحريم لها عام خيبر، وقد قدمنا أن هذه السورة مكيّة.
والحاصل أن الأدلة الصحيحة قد دلت على حل أكل لحوم الخيل، فلو سلمنا أن في هذه الآية متمسكاً للقائلين بالتحريم لكانت السنة المطهرة الثابتة رافعة لهذا الاحتمال، ودافعة لهذا الاستدلال، وقد أوضح الشوكاني هذه المسألة في مؤلفاته بما لا يحتاج الناظر فيه إلى غيره.
وقد ورد في حل أكل لحوم الخيل أحاديث منها ما في الصحيحين وغيرهما من حديث أسماء قالت: نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرساً فأكلناه (١).
وأخرج أبو عبيد وابن شيبة والترمذي وصححه والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن جابر قال: أطعمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم